• آخر الأخبار

    الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

    قبول العمل برحمة الله

    حتى لا تغتر بعملك وحتى لا يصيبك العجب والكبر والتعالى على الخلق فعندم القيام بالطاعات تذكر ...

    أنَّ قبول الأعمال إنما هو من فضل الله ورحمته:
    ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « والله! لا أدري وأنا رسول الله ما يفُعل بي ولا بكم ».

    فإذا كان هذا هو حال سيد ولد آدم عليه أفضل الصلاة والسلام فكيف بغيره من الناس؟! ومَنْ قرأ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: « لن ينجي أحداً منكم عملُه »، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: « ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته » أيقن بضعفه وعجزه، وازداد تضرعاً وافتقاراً لربه جل وعلا، ولم يتعاظم في نفسه، أو يُعجب بجهده وعمله.

    قال الإمام ابن القيم: « كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أنَّ ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين؛ خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله ».

    وكلما شعر العبد بهذه الحقيقة بانت له عظمة الخالق جل وعلا، وعرف مقدار نفسه، وهكذا ربَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه - رضي الله عنهم -، فها هو ذا أجلّهم وأعلاهم منزلة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (علمني دعاء أدعو به في صلاتي)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أعرف الناس بصاحبه ومع ذلك قال له: « قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ».

    إنها تربية ربانية تحدُّ من استعلاء العبد، وتجعله دائم الافتقار لربه، دائم الانكسار بين يديه، وإذا كانت هذه هي وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنهما - وهو مَنْ هو إمامة وجلالة وجهاداً ونصرة لدينه وذباً عن نبيه؛ فكيف يكون حالنا ونحن المذنبون المفرطون؟! نسأل الله السلامة.

    وكنت أعجب من حال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كيف يخشى النفاق على نفسه، وهو الفاروق الذي بشّره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة؟! ثم عرفت أن العبد كلما ازداد عبودية وافتقاراً إلى ربه ازداد ازدراء للنفس وخوفاً عليها، وتعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى.

    قال ابن رجب الحنبلي: « كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق، ويشتد قلقهم وجزعهم منه، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر، كما تقدم أن دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة).

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قبول العمل برحمة الله Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top